كانت تلك هي العبارة التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعى وذلك بعد مشهد قصير للممثل إياد نصار مع الممثلة اروي جودة في مسلسل هذا المساء
في الحقيقة لقد انطوت العبارة علي كثير من الإسفاف ومحاولة فرض واقع غير موجود إلا في خيال المؤلف
لكن ما المبرر لخلق هذه الحالة من الجدل في هذا التوقيت بالذات ؟!
الإجابة سنعرفها بعد قراءة هذا المقال ...
مشهد ده هاني كامل ..
*المشهد الأول
في أحد الأحياء الشعبية وعلي طريقة فيلم صايع بحر يترجل أحد الأشخاص من سيارته أمام منزل خطيبته السابقة ممسكاً بميكرفون، ليقوم بفضح خطيبته يوم كتب كتابها علي مرأي ومسمع من الجميع في وجود أبوها وأمها اللذان يقفان في شرفة منزلهما في ذهول مما يحدث !!
يحصل الفيديو علي مئات الآلاف من المشاهدين ويحصل صاحب الفيديو علي الآلاف من المتابعين في ساعات معدودة، ليتضح فيما بعد أن المشهد برمته تم إصطناعه والأمر لا يعدو كونه مزحة سخيفة !!
المشهد الثاني
في داخل أستديو متواضع وبصحبة مجموعة من الأشخاص من أصحاب التقاليع الغريبة والتسريحات المضحكة يبدء شخص ثمين بالغناء بصوت قبيح للغاية ثم يتبعه تلعثم في جملة ما وينفجر الجميع بالضحك .. يحاول الشخص تكرار نفس الجملة بشكل سليم ولكنه يفشل في كل مرة .. ينتهي الفيديو عند هذا الحد ليبدء بالإنتشار كالنار في الهشيم علي جميع وسائل التواصل الإجتماعي، والنتيجة مشاهدات بالملايين يتبعه أرباح مهولة نتيجة هذا التريند الذي تم اصطناعه خصيصاً ...
........
*المشهد الثالث
في داخل أحد صالونات التجميل الخاص بالنساء تظهر راقصة مغمورة وتتمايل بخلاعة لمدة أقل من دقيقتين علي نغمات أحد الأغاني التي تعرف بإسم المهرجان، يتبعه نزول الفيديو علي عدة جروبات وبيدجات شهيرة في توقيت واحد ليحقق ملايين المشاهدات في وقت قياسي، ونتيجة لذلك يصبح "فيديو الراقصة البرازيلية لورديانا" نتيجة أولي في جميع محركات البحث الشهيرة، بالإضافة إلي زيادة المتابعين للراقصة البرازيلية علي موقع إنستجرام بأكثر من ٢٠٠ الف متابع في خلال أقل من أربعة وعشرين ساعة مع دعاية رهيبة للمكان ...
قد تبدو المشاهد الثلاثة مختلفة تماماً ولكنك ستفاجيء بأن الاختلاف الوحيد في الأشخاص، أما وراء الكواليس فالأمور تتشابه الي حد التطابق التام !!
* صناعة التريند
داخل أحد الجروبات الخاصة بالسوشيال ميديا يعرض أحد الوسطاء خدمة زيادة المشاهدات لأي فيديو عن طريق الشير علي صفحات كبيرة ومتفاعلة حيث تتفاوت أسعار هذه الصفحات علي حسب العدد والتفاعل داخل الصفحة ...
في الحقيقة هناك الكثير من الوسطاء يعرضون العديد من الخدمات وعلي سبيل المثال لا الحصر زيادة المتابعين علي الفيسبوك والإنستجرام وتويتر، وكذلك زيادة المشاهدات والمشتركين علي قنوات اليوتيوب وصولاً الي خدمة رفع الهاشتاجات علي تويتر وخدمات التوثيق للحسابات الشخصية والعامة ..
تتفاوت أسعار الخدمات بشكل كبير بداية من جنيهات معدودة وصولاً الي مئات الآلاف من الجنيهات
سوق كبير للعرض والطلب والزبائن موجودين بشكل دائم
هنا تتضح الصورة .. فكل شيء تم الترتيب له بدقة عن طريق أشخاص محترفين ومتخصصين في هذا النوع من الخدمات، والحقيقة أن النتائج دائماً ما تكون مبهرة حيث يتم صناعة الآلاف من التريندات والأشخاص يومياً ..
نظرية القطيع
تتحدث النظرية عن أن أي إهتمام جماعي بأمر ما يحوله الي قضية عامة بغض النظر عن أهميتها من عدمه ..
حرفياً هذا ما يحدث حيث يتم التركيز علي زيادة أعداد المهتمين بشيء معين عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي، ليتم بعدها صناعة تريند ما، وبالتالي الإستفادة القصوى من إنتشار هذا التريند ...
هناك فائدة عظيمة وكبيرة أخري للتريند، حيث يتم من خلاله صرف النظر عن قضية أكثر أهمية والحقيقة أن هذا الأمر علي الرغم من تكراره بشكل مبالغ فيه إلا أنه مازال يثبت نجاح ساحق في كل مرة
* الأعرابي الذي بال في بئر زمزم
قيل أن أعرابي بال في بئر زمزم فلما جيء به إلا والي مكة سأله لماذا فعلت ذلك الأمر المشين ؟!
قال الأعرابي .. أردت أن يذكرني الناس فيقولون هذا الذي بال بئر زمزم !!
.. تماما هذا الذي يحدث الآن ولكن بصور مختلفة .. فكثير من الناس يريد أن يصبح مشهور بغض النظر عن قيمة البضاعة التي يقدمها .. بل بالعكس ففي هذا الزمان أصبحت البضاعة الرديئة تجد سوق رائج بعد أن تبدلت ازواق الناس وأصبح الإسفاف هو عنوان المرحلة
* الخلاصة
في النهاية لابد أن تعلم أن التريند ما هو إلا صناعة إحترافية يتم من خلالها توجيهك لخدمة أمر أو غرض ما، سوق ضخم من الكذب والتلفيق والتمثيل المتقن ..
وكما قالو قديمآ إذا دخلت السوق ولم تجد السلعة فأعلم أنك أنت السلعة ..
أحسنت النشر، كلمات من ذهب.
إرسال ردحذف